الإثنين 29 يناير 2024
الجهة بوست
عندما أقر المشرع المغربي مرسوم رقم 431-22-2 صادر في 15 شعبان 1444 (09 مارس 2023) يتعلق بالصفقات العمومية، فإنه وسَّع فرص مختلف أصناف المقاولات للولوج إلى مسطرة الطلبيات العمومية.
فعلى هذا المستوى، تم إقرار أفضلية المقاولات الوطنية، وتخصيص نسبة 30 في المائة من المبلغ الإجمالي المخصص للصفقات العمومية لفائدة المقاولات المتوسطة والصغيرة، مع تخفيض تخفيض قيمة العقود التي تخضع لنظام المنافسة من 10 ملايين درهم إلى 5 ملايين درهم.
بناء على ذلك، يمكن القول أن المشرع المغربي اتخذ خطوة مهمة في اتجاه تعزيز مشاركة المقاولات المغربية في الصفقات العمومية، بما يسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
هذا الإصلاح الهام الذي شمل الجانب الفئوي من منظومة الصفقات العمومية، يمكن أن يكون له وقع إيجابي أكثر من خلال إيلاء الأهمية للبعد المجالي، وذلك عبر التنصيص بشكل صريح على ضمان ولوج المقاولات المحلية إلى الصفقات العمومية ذات الصلة بالمجال الترابي المعني بهذه الطلبيات.
إن أهمية منح أفضلية للمقاولات المحلية في الصفقات العمومية، يجد مبرره في الوقع الإيجابي على التنمية المجالية، وذلك من خلال خلق فرص عمل محلية، وتحفيز الاستثمار في المناطق النائية، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمناطق المستهدفة من الأوراش موضوع هذه الصفقات.
فمن ناحية خلق فرص العمل، فإن إعطاء الأولوية للمقاولات المحلية في الصفقات العمومية سيؤدي إلى تشغيل المزيد من اليد العاملة في صفوف الساكنة المحلية، مما سيسهم في خفض معدلات البطالة وتحسين مستوى المعيشة وظروف الحياة في هذه المناطق.
ومن ناحية تحفيز الاستثمار، فإن ضمان مشاركة المقاولات المحلية في المشاريع العمومية سيجذب المزيد من المستثمرين إلى هذه المناطق، وبالتالي سيكون له أثر جد إيجابي على خلق مشاريع جديدة وتنويع الأنشطة الاقتصادية.
أما من ناحية تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فإن إشراك المقاولات المحلية في الصفقات العمومية سيؤدي إلى تحسين البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية للمجتمعات المحلية، مثل التعليم والصحة والنقل.
إن إقرار مبدأ افضلية للمقاولات المحلية في الصفقات العمومية هو استثمار ذكي له فوائد متعددة على التنمية المجالية، مما يجعل من الجدير التفكير فى توفير أرضية قانونية وتقنية لتحفيظ ولوج هذه المقاولات إلى مجال الصفقات العمومية، بهدف الارتقاء بأدائها للإسهام في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية داخل المجالات الترابية.
غير أن مطلب تمتيع المقاولات المحلية بالأفضلية في الصفقات العمومية، يفرض على الإطارات المهنية الممثلة الفعاليات الاقتصادية، الانخراط بشكل قوي في هذا المسعى من خلال برامج تكوينية بالتنسيق مع مختلف الفعاليات المؤسساتية، لتحفيز المقاولات المعنية على الرفع من أدائها حتى تكون في مستوى التنافسية التي يتطلبها تحديات السوق في هذا المجال.
وفي هذا السياق، يمكن للإطارات المهنية أن تلعب دوراً حيوياً في تعزيز مسار النمو الاقتصادي والاجتماعي من خلال تعزيز تفاعلها مع المقاولات المحلية ودعمها في الاستفادة من الفرص المتاحة في سوق الصفقات العمومية.
فمن خلال تكثيف الورشات التكوينية والندوات التحسيسية، يمكن للإطارات المهنية توجيه المقاولات المحلية نحو ملاءمة ادائها مع متطلبات السوق وتعزيز كفاءتها وتنافسيتها.