الإثنين 8 يناير 2023
الجهة بوست – افتتاحية
طوت جهة طنجة تطوان الحسيمة، صفحة سنة 2023، بأداء سياحي متميز بشهادة جميع المؤشرات الرسمية والواقع الملحوظ، إذ بلغ مجموع السياح الذين توافدوا على الجهة إلى غاية نونبر الماضي، ما يقدر بـ 1.8 مليون شخص، ما عزز مكانتها في خارطة الوجهات السياحية للمملكة.
والأكيد ان هذا الأداء الجيد، يمثل مكسبا مهما للقطاع السياحي على المستوى الجهوي، ويؤكد على أهمية الجهة كوجهة سياحية واعدة على المستوى الوطني والدولي، وذلك لما تتوفر عليه من مؤهلات طبيعية وثقافية وتاريخية، فضلا عن موقعها الجغرافي المتميز.
وهنا ينبغي الوقوف، ولو قليلا، للتنويه بالجهود المبذولة من طرف كل المتدخلين المؤسساتيين والفاعلين المهنيين، وإسهامها الفعال في تحقيق هذه النتائج الإيجابية، من خلال تعزيز جاذبية الجهة الشمالية لاستقطاب الاستثمارات السياحية الوازنة وتجويد العرض السياحي، فضلا عن تثمين المؤهلات الكبيرة التي تزخر بها مختلف عمالتي وأقاليم الجهة.
لكن في المقابل، يجب التأكيد على أن هذا الأداء المحقق، يجب أن يكون بداية القطيعة مع جميع المظاهر والممارسات التي من شأنها أن تؤثر سلبيا على سمعة القطاع السياحي بالجهة وتقوض فعالية المجهودات المبذولة من جانب كافة الأطراف المعنية.
ولعل القطاع السياحي بالجهة، شأنه كباقي جهات المملكة، ما يزال يعاني من عدة اختلالات تجسد التحديات الرئيسية التي تعيق تطوره ونموه وتحول أمام إضفاء طابع الاستدامة عليه.
وفي هذا الإطار، ما يزال تفشي القطاع غير المهيكل يواصل فرض نفسه كأحد أبرز التحديات التي تواجه القطاع السياحي في الجهة، وذلك لما يشكله من تهديد حقيقي لجودة الخدمات السياحية المقدمة للسياح، وكذا للبيئة والتراث المحلي.
وهذا التحدي يطرح ضرورة المزيد من الاشتغال على التنظيم الفعال للقطاع غير المهيكل، وذلك من خلال توفير الإطار القانوني والتنظيمي المناسب له، وتوفير الدعم المالي واللوجستي للعاملين في هذا القطاع، من أجل مساعدتهم على التحول إلى القطاع المهيكل.
بالإضافة ذلك، تبرز الحاجة إلى إيلاء الاهتمام بتشجيع المبادرات المبتكرة من طرف الفاعلين السياحيين في خلال المقاولات الصغيرة والمتوسطة، وذلك من خلال توفير الدعم المالي والقانوني واللوجستي لهذه المقاولات، من أجل مساعدتها على تطوير منتجاتها وخدماتها السياحية، وتقديم عروض سياحية أكثر جاذبية للسياح.
إن تعميم الطابع المهيكل على القطاع السياحي بالجهة، يشكل أحد أهم الشروط الأساسية والدعامات القوية التي من شأنها تعزيز إسهامها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجهة، وتحقيق أهدافها السياحية الطموحة، في ظل استعداد المغرب لاحتضان تظاهرات دولية عديدة، على رأسها كأس إفريقيا 2025 وبعدها مونديال 2030؛ بالإضافة إلى تظاهرات أخرى إقليمية ودولية تهم مجالات مختلفة.
هناك حاجة اليوم ماسة لإصلاح “مفاصل” السياحة كقطاع حيوي يشغل يدا عاملة مهمة ويحرك عجلة قطاعات أخرى مرتبطة (الصناعة التقليدية نموذجا)؛ مع التأكيد على مأسسة القطاع السياحي بما يضمن تسويقا أفضل مما هو عليه الحال الآن حتى نرتقي إلى مصاف دول لها باع عريق في المجال وتتجاوز عتبة ال 50 مليون سائح؛ رغم توفرها على مؤهلات متواضعة مقارنة ببلادنا.
بالإضافة إلى ذلك؛ تبرز أهمية تقعيد “عدالة مجالية سياحية”؛ حتى تستفيد كل المناطق بالجهة من التسويق لمؤهلاتها والاستفادة من ثمر الحركة السياحية. عدالة مجالية من شأنها فسح المجال أمام السائح ليختار وينوع وجهاته وهواياته وانتقالاته من السفح إلى الجبل نحو البحر والرمال مرورا بالمآثر التاريخية والتراث وغير ذلك. وآنذاك سنعزز ما يمكن تسميته بـ “التعاضد” الترابي الذي سيسهم في تطوير السياحة ليس في منطقة معينة فحسب وإنما في كل شبر من تراب الجهة.