مع اقتراب فصل الصيف، يشهد سوق كراء الشقق المفروشة بالمغرب انتعاشًا ملحوظًا نتيجة تزايد الطلب من قبل الزوار المحليين والسياح، إلا أن هذا النشاط لا يخلو من إشكاليات تنظيمية واقتصادية تتطلب التدخل العاجل من الجهات المختصة لضمان حماية المستهلك وتحقيق التوازن في العلاقة التعاقدية بين المؤجّر والمكتري.
إطار قانوني غير مفعّل بالشكل الكافي
رغم صدور القانون رقم 80.14 المتعلق بالمؤسسات السياحية وأشكال الإيواء السياحي، وما تبعه من مراسيم تنظيمية منشورة في الجريدة الرسمية، فإن التطبيق العملي لهذه النصوص ما يزال محدودًا. إذ يشير الفاعلون في مجال حماية المستهلك إلى أن معظم عمليات كراء الشقق المفروشة تتم بعيدًا عن المساطر القانونية، وغالبًا عبر وسطاء غير مرخصين، ما يفتح المجال أمام ممارسات عشوائية تضر بمصالح المستهلك والاقتصاد الوطني على حد سواء.
تبعات اقتصادية ومخاطر اجتماعية
إن الطابع غير المهيكل لهذه السوق يؤدي إلى تهرب جبائي ممنهج، حيث يتم تداول مبالغ مالية كبيرة خارج دائرة الرقابة الجبائية، مما يحرم خزينة الدولة من مداخيل مهمة في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى تعزيز الموارد العمومية. علاوة على ذلك، فإن غياب العقود المكتوبة ووضوح الشروط يفتح الباب أمام نزاعات قانونية، غالبًا ما تكون فيها حقوق المستهلك ضائعة لعدم توفره على وثائق إثبات العلاقة التعاقدية.
دعوة إلى اعتماد عقد نموذجي موحد
في هذا السياق، دعت جمعيات حماية المستهلك إلى اعتماد عقد كراء نموذجي، يتضمن بنودًا واضحة تحدد بدقة مسؤوليات الطرفين، خاصة ما يتعلق بصيانة التجهيزات، وتحمل التكاليف، ومآل أي أضرار محتملة. كما شدّدت على ضرورة توعية المواطنين بأهمية التعامل عبر القنوات القانونية، وتفادي الوساطات غير الرسمية التي تؤدي إلى انعدام الشفافية.
نحو إصلاح مؤسساتي للسوق العقارية المؤقتة
إن تنظيم سوق كراء الشقق المفروشة لا يتطلب فقط إصدار قوانين، بل يتطلب سياسة عمومية مندمجة تشمل التوعية، والرقابة، والتحفيز الضريبي للمؤجّرين النظاميين، بما يسهم في إدماج الاقتصاد غير المهيكل ضمن الدورة الاقتصادية الرسمية، ويحقق شروط النزاهة والتوازن في السوق.
ختامًا، فإن المرحلة تستوجب تفعيلًا حقيقيًا للإطار القانوني المنظّم لكراء الشقق المفروشة، مع انخراط جميع المتدخلين، من جمعيات مهنية ومصالح حكومية ومستهلكين، في مسار تقنين العلاقة التعاقدية، بما يحمي حقوق الأفراد، ويُسهم في دعم الاقتصاد الوطني ضمن منظور تنموي شامل.