استثمار استراتيجي لضمان استمرارية تدفقات الحبوب
تواصل شركة السوسيبو (Sosipo)، الفاعل العمومي في مناولة الحبوب بالموانئ المغربية، جهودها لتقوية البنية التحتية المينائية عبر مشروع لتأهيل الرصيف المخصص للحبوب بميناء آسفي، في خطوة تهدف إلى تأمين تدفقات الاستيراد وتعزيز الأمن الغذائي الوطني.
ويأتي هذا المشروع في سياق اقتصادي حساس يتميز بتقلبات أسعار الحبوب في الأسواق العالمية وبارتفاع كلفة النقل واللوجستيك، مما يفرض على المغرب تعزيز قدراته المينائية والتخزينية لضمان الاستقرار التمويني.
أشغال تقنية لضمان السلامة والاستدامة
المشروع، الذي تشرف على إنجازه شركة Conceptec، يهم إعادة تأهيل الرصيف المينائي الذي عرف خلال السنوات الأخيرة تدهوراً بنيوياً في أجزاءه الخرسانية والمعدنية.
وتشمل الأشغال إصلاح العارضة الخرسانية العليا، وتجديد التجهيزات المعدنية (مراسي، سلالم، مصدات)، إضافة إلى معالجة التآكل الهيكلي بالاعتماد على تقنيات حديثة تضمن مقاومة طويلة الأمد لعوامل التآكل البحري.
ويمتد الرصيف على 185 متراً بعمق 9,14 أمتار، وتصل قدرته الاستيعابية إلى 24.000 طن، مزوداً ببنية متكاملة تضم أبراج نقل آلية، منظومات تفريغ هوائية وميكانيكية، وسلسلة صوامع عمودية للتخزين.
دعم لسلسلة الحبوب الوطنية وتحديث المنظومة اللوجستية
يتزامن هذا المشروع مع دخول نظام جديد لتقنين سلسلة القمح الطري والدقيق الوطني المدعم حيز التنفيذ منذ أكتوبر 2025، بموجب مرسوم رسمي يروم ضبط الإنتاج والتوزيع وضمان الخبز بأسعار معتدلة وجودة مستقرة.
ويقوم النظام على آليات اقتصادية دقيقة تشمل تسعيراً موجهاً، وآلية دعم لوجستي، ومراقبة رقمية لمسار الحبوب من الميناء إلى المخبزة.
ويُعتبر هذا النظام، إلى جانب مشاريع تأهيل الموانئ، جزءاً من السياسة العمومية الهادفة إلى استقرار السوق الغذائي وتحصين سلاسل التوريد من الاضطرابات الخارجية.
آسفي في قلب الشبكة المينائية للحبوب
يمثل ميناء آسفي نقطة لوجستية رئيسية لتزويد منطقة تانسيفت ووسط المغرب بالحبوب، بالنظر إلى موقعه الجغرافي وقدرته على استقبال سفن الشحن الكبيرة.
وتعد شركة سوسيبو المشغل الوحيد الذي يدير أربعة مرافئ رئيسية للحبوب بالمملكة: الدار البيضاء، أكادير، آسفي، والناظور، مما يجعلها فاعلاً محورياً في منظومة الأمن الغذائي والاقتصاد اللوجستي المغربي.
قراءة اقتصادية في الأثر
يساهم هذا الاستثمار في:
-
تقليص كلفة الاستيراد عبر تحسين سرعة المناولة وتدفق الشحنات.
-
رفع المردودية التشغيلية للموانئ وتقليص زمن الرسو.
-
تحسين تنافسية سلاسل التموين الوطني أمام اضطرابات الأسواق العالمية.
-
تعزيز الأمن الغذائي من خلال ضمان التزود المستمر بالقمح والذرة والشعير.
إن مشروع تأهيل الرصيف المينائي للحبوب بآسفي يجسد مقاربة اقتصادية متكاملة تمزج بين الاستثمار في البنية التحتية وتعزيز السيادة الغذائية.
فمن خلال هذا الورش، يؤكد المغرب أن الأمن الغذائي يبدأ من الميناء، وأن تقوية قدرات المناولة والتخزين تشكل أحد أعمدة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في ظل تحولات السوق العالمية.