من التبادل التجاري إلى التصنيع المشترك
تسعى الشراكة المغربية–الفرنسية في نسختها الجديدة إلى تجاوز النموذج التقليدي القائم على التبادل التجاري نحو بناء قاعدة إنتاجية وصناعية مشتركة.
وأكد عدد من الفاعلين الفرنسيين خلال المنتدى أن التعاون بات يأخذ بعداً تقنياً وصناعياً أعمق، يقوم على إنشاء مشاريع إنتاج موجهة للتصدير إلى أسواق ثالثة، وخاصة في إفريقيا جنوب الصحراء.
هذا التحول يعكس نضج العلاقات الاقتصادية بين الرباط وباريس، ويجعل من المغرب شريكاً صناعياً مبتكراً وليس مجرد سوق استهلاكي.
الداخلة.. منصة عبور نحو إفريقيا ومختبر للتنمية المستدامة
اختيار مدينة الداخلة لاحتضان المنتدى لم يكن اعتباطياً، فهي أصبحت اليوم نقطة التقاء استراتيجية بين المغرب وعمقه الإفريقي، ومركزاً واعداً لجذب الاستثمارات في قطاعات البنية التحتية، والطاقة، والفلاحة.
كما تم التوقيع على مراسلات جديدة لتعديل الاتفاق الزراعي بين المغرب والاتحاد الأوروبي، بما يضمن تحسين الإطار القانوني للصادرات الفلاحية وتعزيز تنافسية المنتجات المغربية داخل السوق الأوروبية.
محاور التعاون ذات الأولوية
برز خلال المنتدى عدد من القطاعات التي تمثل أولويات التعاون المستقبلي بين المغرب وفرنسا، من أبرزها:
-
البنية التحتية الكبرى: تطوير الطرق، الموانئ، والربط الكهربائي.
-
الطاقات المتجددة: الاستثمار في مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وربطها بالشبكات الإقليمية.
-
الزراعة والصناعات الغذائية: تحديث منظومات الإنتاج والتصنيع الفلاحي لزيادة القيمة المضافة.
-
التوجه الإفريقي: اعتماد الأقاليم الجنوبية، خصوصاً الداخلة، كبوابة نحو إفريقيا جنوب الصحراء.
فرص واعدة وتحديات قائمة
الفرص
-
جذب استثمارات أجنبية مباشرة إلى الأقاليم الجنوبية وخلق فرص شغل جديدة.
-
تحويل الداخلة إلى مركز لوجستي يربط إفريقيا بأوروبا.
-
رفع حجم الصادرات المغربية بفضل التصنيع المحلي والتكامل مع السوق الأوروبية.
التحديات
-
ضمان استدامة المشاريع في ظل التغيرات المناخية وندرة الموارد المائية.
-
تعبئة التمويل وتأمين المردودية للمستثمرين.
-
تبسيط المساطر الإدارية وتجاوز العراقيل التنظيمية.
-
توزيع عادل لعوائد التنمية على الساكنة المحلية.
نحو نموذج اقتصادي مغربي–فرنسي جديد
منتدى الداخلة شكل خطوة عملية نحو شراكة اقتصادية قائمة على الثقة والتكامل، تعكس إرادة سياسية واقتصادية في بناء مستقبل مشترك يخدم التنمية المستدامة.
إن تحويل الداخلة إلى مختبر للتعاون المغربي–الفرنسي يعزز مكانة المغرب كفاعل اقتصادي محوري في إفريقيا، ويؤكد أن الجنوب المغربي أصبح رافعة جديدة للتنمية والانفتاح الاقتصادي الدولي.