في خطوة استراتيجية تعكس التوجه المتنامي للمملكة المغربية نحو تعزيز قدراتها الإنتاجية الوطنية وتقليص التبعية للمنتجات المستوردة، أعلنت إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة عن بدء تطبيق رسم إضافي بقيمة 1 درهم لكل كيلوغرام على واردات الألواح الليفية المغلفة، وذلك ابتداءً من منتصف أبريل الجاري ولمدة ثلاث سنوات، بموجب القرار المشترك لوزير الصناعة والتجارة ووزيرة الاقتصاد والمالية رقم 679، المؤرخ في 11 مارس 2025.
سياق القرار
يأتي هذا التدبير في أعقاب تلقي وزارة التجارة لشكاوى من مهنيي قطاع تصنيع الأخشاب، الذين عبّروا عن الضرر المتزايد الناتج عن تدفق واردات بأسعار منخفضة اعتُبرت مدمّرة للتنافسية المحلية. وقد أُجري تحقيق اقتصادي وتقني خلص إلى وجود تأثير سلبي فعلي على الصناعة الوطنية، ما دفع السلطات المغربية إلى تفعيل بند الحماية الوقائية، في إطار ما تتيحه الاتفاقيات التجارية الدولية التي تُجيز للدول اتخاذ إجراءات مؤقتة لحماية قطاعاتها الإنتاجية.
تفاصيل الإجراء واستثناءاته
يشمل الإجراء الجديد الألواح المصنعة من ألياف الخشب أو مشتقات مماثلة، والمغطاة بطبقات ديكورية بلاستيكية أو ورقية معالجة، والمعروفة تجارياً بـ”الألواح الليفية المغلفة”. ويُستثنى من هذا الرسم عدد من المنتجات التي تدخل ضمن صناعات متخصصة، من بينها:
-
أرضيات الباركيه.
-
قوائم الحائط الخشبية.
-
واردات موجهة لمشاريع محددة حاصلة على تراخيص إعفاء مسبقة من وزارة الصناعة.
كما ينص القرار على تخصيص حصص سنوية معفاة من الرسم، تتراوح بين 16 ألف طن وأزيد من 19 ألف طن خلال الأعوام 2026، 2027، و2028، وذلك في احترام لالتزامات المملكة ضمن منظمة التجارة العالمية، وضماناً لاستقرار سلاسل الإمداد الخاصة بالقطاعات الصناعية المعتمدة جزئياً على هذه المواد.
أبعاد دولية للقرار
من اللافت أن الإجراء الجديد لا يُطبق على واردات عدد من الدول النامية المستفيدة من معاملة الدولة الأولى بالرعاية ضمن نظام التجارة التفضيلية، ما يعكس حرص المغرب على الالتزام بالضوابط الدولية، وتفادي أي تداعيات تجارية سلبية مع شركائه الاقتصاديين. في المقابل، لا تستفيد دول ذات صادرات مرتفعة نحو السوق المغربية، مثل الصين ودول الاتحاد الأوروبي، من هذا الإعفاء.
تحفيز للتصنيع المحلي وتنمية القيمة المضافة
يمثل هذا الإجراء جزءاً من سياسة صناعية موسعة تبنتها الحكومة المغربية في السنوات الأخيرة، وتهدف إلى:
-
دعم التصنيع المحلي للمواد نصف المصنعة.
-
تنمية القيمة المضافة الصناعية.
-
تقليص العجز في الميزان التجاري للمواد الخام والوسيطة.
وتعكس هذه المبادرة إرادة وطنية في تعزيز السيادة الاقتصادية وتوجيه الاستثمارات نحو القطاعات التي يمتلك فيها المغرب مؤهلات صناعية قابلة للتطوير، خاصة في ظل التحديات العالمية المرتبطة بتقلبات الأسواق وسلاسل الإمداد.