في أحدث تقرير صادر عن المجلس الأعلى للحسابات، تم التأكيد على أن تجربة المدن الجديدة تامسنا، تامنسورت، لخيايطة وشرافات لم تحقق النتائج المرجوة. التقرير، الذي سلط الضوء على هذه المشاريع الكبرى، يشير إلى إخفاقها في تحقيق الأهداف الأساسية المتمثلة في تخفيف الضغط السكاني على المدن الكبرى وتلبية احتياجات السكان المتزايدة.
مدن بنكهة “تجزئات سكنية”
منذ إطلاقها، حملت هذه المدن الجديدة طموحات كبرى من حيث التطوير العمراني والاجتماعي والاقتصادي. غير أن التقرير وصفها بأنها مجرد “تجزئات سكنية” تفتقر إلى مقومات المدن المتكاملة. وأشار إلى أن نسبة الإنجاز الفعلية لم تتجاوز 20% من الأهداف المعلنة في ما يتعلق بعدد السكان ووحدات السكن المنجزة.
التقرير أوضح كذلك أن هذه المدن لم تُجهز بجميع البنيات التحتية والخدمات العمومية المقررة ضمن مخططات الإنشاء. فغياب إطار قانوني واضح ومحدد لتسيير هذه المشاريع أدى إلى إخضاعها للقوانين المنظمة للتجزئات السكنية وتقسيم الأراضي، وهو ما اعتبره المجلس خللًا هيكليًا.
غياب الرؤية المتكاملة
المجلس انتقد أيضًا محدودية الأدوار التي تلعبها هذه المدن، حيث ركزت بشكل أساسي على السكن دون تفعيل وظائف أخرى. وضرب التقرير مثالًا بمدينة تامنسورت التي كان من المفترض أن تكون مدينة سكنية، سياحية، بيئية وتعليمية. “لكن الواقع يبين غياب أي مشروع سياحي أو جامعي أو بيئي يُذكر”، يوضح التقرير.
الوضع نفسه ينطبق على تامسنا، التي ظلت تعتمد على البعد السكني دون تطوير الجوانب الاقتصادية والاجتماعية الأخرى.
حلول متعثرة
رغم الوعي المتأخر بمشاكل هذه المشاريع، تم توقيع اتفاقيات شراكة وتمويل لإعادة إحياء مدينتي تامسنا وتامنسورت عامي 2013 و2014. ورُصدت ميزانيات ضخمة، حيث تم تخصيص 1.3 مليار درهم لتمويل مشاريع في تامنسورت، 81% منها لإنشاء حرم جامعي لم يرَ النور حتى اليوم. وفي تامسنا، تم تخصيص 538 مليون درهم لتنفيذ مشاريع إعادة التأهيل، لكن معظمها لم يُنجز رغم انتهاء المهلة المحددة بين عامي 2013 و2017.
خاتمة
يخلص تقرير المجلس الأعلى للحسابات إلى أن غياب رؤية واضحة وإطار قانوني ملزم، إضافة إلى التأخر في إنجاز البنيات التحتية، أدى إلى تحويل هذه المدن الجديدة إلى مجرد مشاريع سكنية غير مكتملة، بعيدة عن أهدافها التنموية الكبرى.