لشبونة – أكد سفير المغرب بالبرتغال، السيد عثمان أبا حنيني، أمس الاثنين بلشبونة، أن المغرب منخرط بقوة في مسار تطوير التقنيات الحديثة، باعتبارها رافعة استراتيجية لتحديث الاقتصاد الوطني وتعزيز تموقعه على الساحة الدولية.

وأبرز السيد أبا حنيني، عميد المجموعة الدبلوماسية العربية المعتمدة في لشبونة، في مداخلة له خلال افتتاح فعالية “اللقاء العربي للتكنولوجيا”، أن هذا التوجه يندرج في إطار رؤية واضحة للحكومة المغربية، ترتكز على استراتيجيات وطنية للتحول الرقمي، تروم رقمنة الاقتصاد والرفع من تنافسيته، مع تعزيز الابتكار التكنولوجي وجذب الاستثمارات.

وفي هذا الإطار، يتابع الدبلوماسي المغربي، يشهد المغرب دينامية لافتة في دعم الشركات الناشئة، وتطوير منظومات رقمية جديدة، واعتماد حلول مبتكرة في مجالات الذكاء الاصطناعي والاتصالات والخدمات العمومية الرقمية، بما ينسجم مع التحولات العالمية المتسارعة.

وأضاف السيد أبا حنيني أن هذه الجهود تندرج ضمن إرادة وطنية لجعل الرقمنة أداة مركزية لتحقيق الشمول الاقتصادي والاجتماعي، وتسهيل ولوج المواطنين إلى الخدمات الإدارية وتعزيز الشفافية وجودة التدبير.

من جهة أخرى، قال عميد المجموعة الدبلوماسية العربية المعتمدة في لشبونة، إن فعالية “اللقاء العربي للتكنولوجيا”، التي نظمت تحت شعار “كيف تشكّل الأسواق العربية مستقبل الذكاء الاصطناعي”، تمثل منصة تجمع نخبة من المبدعين ورواد التكنولوجيا وصناع القرار الذين يسهمون في رسم ملامح المستقبل الرقمي في العالم العربي.

وشدد السفير أبا حنيني على أن الذكاء الاصطناعي بات يغيّر أنماط الحياة والعمل، مضيفا أن التحدي الأهم يكمن في كيفية توظيفه داخل العالم العربي لخلق الفرص، وتحسين ظروف العيش، وضمان أن يستفيد الجميع من ثمار التطور الرقمي.

كما أشاد بروح الابتكار والطاقة الإبداعية لدى الشباب العربي، وبالدور المتنامي للمرأة في قيادة التحول الرقمي، معتبرا أن “النساء العربيات يشكلن اليوم قوة ملهمة وفاعلة في مسار بناء مستقبل أكثر شمولا”.

وأضاف أن العالم العربي يشهد بدوره دينامية مماثلة من خلال مبادرات تهدف إلى تعزيز الابتكار والبحث العلمي والتكوين في المهن الرقمية، مما يجعل التكنولوجيا الرقمية رافعة أساسية للنمو والقدرة التنافسية إقليميا.

من جانبه، أكد المهدي العلوي، مؤسس منصة “LaStartupStation” ومعهد “Geeks Institute”، أن الذكاء الاصطناعي يشكل اليوم رافعة استراتيجية للعالم العربي، داعيا إلى تعاون إقليمي لتعزيز السيادة التكنولوجية العربية في هذا المجال.

ووصف السيد العلوي، في كلمة له خلال جلسة نقاش تناولت موضوع “الذكاء الاصطناعي المصنّع في العالم العربي” نُظمت في إطار فعالية اللقاء العربي للتكنولوجيا (Meet Arab Tech)، الذكاء الاصطناعي “بتسونامي صامت، وقوي ولا يمكن إيقافه”، مضيفا أن التعامل السلبي معه قد يؤدي إلى “تدمير الوظائف والثقافات”، بينما يتيح اعتماده برؤية طموحة “مضاعفة الإنتاجية وتعزيز الإدماج وخلق فرص اقتصادية واسعة”.

وأبرز رائد الأعمال التكنولوجي أن المغرب اختار مواكبة هذا التحول العالمي، حيث أضحى الذكاء الاصطناعي “ركنا أساسيا” في الاستراتيجية الوطنية الرقمية، من خلال تنظيم أولى مناظرات الذكاء الاصطناعي وإطلاق مراكز بيانات ومصانع للذكاء الاصطناعي، في إطار قيادة استشرافية لوزارة الانتقال الرقمي.

وفي سياق متصل، دعا رائد الأعمال المغربي إلى تعاون عربي مشترك، مذكرا بأن معظم نماذج الذكاء الاصطناعي المستعملة في المنطقة مصدرها دول غربية، في حين بدأ العالم العربي لأول مرة ببناء بنيته التحتية الخاصة، حيث تُطوّر دول الخليج مراكز بيانات عملاقة وسُحباً سيادية، بينما يتوفر المغرب العربي على “خزان استثنائي من الطاقات والكفاءات”.

وتساءل المتحدث: “ماذا لو جمعنا هذه القوى؟ البنيات التحتية في الخليج والكفاءات البشرية في المغرب العربي، لصناعة نماذج ذكاء اصطناعي خاصة بنا، مُدرَّبة على لغاتنا وبياناتنا وقيمنا؟”.

وختم السيد العلوي بالتأكيد على أن الذكاء الاصطناعي “ليس مجرد مسألة تكنولوجيا، بل مسألة كرامة ومصير”، معتبرا أن المستقبل سينتمي للمناطق التي “تصنع ذكاءها الخاص، لا التي تكتفي باستيراده”.

ويشكل هذا الحدث، المنظم على هامش قمة الويب العالمية التي تحتضنها العاصمة البرتغالية بين 10 و13 نونبر الجاري، فرصة فريدة لاستكشاف الإمكانات الهائلة للعالم العربي كسوق مزدهرة للتكنولوجيا، ومركز متنام للمواهب، ومركز للابتكار.

وتمحور “اللقاء العربي للتكنولوجيا”، الذي يعد منصة للتواصل مع القادة، والاستثمار، وتعزيز التنمية عبر الثقافات المختلفة، حول “الذكاء الاصطناعي”، و”الابتكار المحلي”، و”ريادة المرأة العربية في التكنولوجيا”، في إطار جلسات نقاش بمشاركة محاضرين بارزين.

يذكر أن “قمة الويب” بلشبونة، افتتحت مساء أمس الاثنين، وذلك بمشاركة أكثر من 70 ألف مشارك، بما في ذلك 2500 شركة ناشئة و900 مستثمر. ويحتل الذكاء الاصطناعي والتغييرات العميقة التي يحدثها محورا مركزيا في القمة.