في سياق تزايد الضغط العمراني على الأراضي الفلاحية، أطلق وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات مشروعًا استراتيجيًا لإعداد البطاقة الفلاحية الجهوية لجهة كلميم-واد نون، كآلية حديثة للتخطيط الزراعي والترابي.
يأتي هذا المشروع ضمن رؤية وطنية تهدف إلى تحسين مردودية القطاع الفلاحي، وحماية الأراضي ذات القيمة الإنتاجية العالية، وتوجيه قرارات الاستثمار العمومي والخاص على أساس معطيات اقتصادية دقيقة
معطيات زراعية وإنتاجية تعزز الجاذبية الاستثمارية
تتوفر جهة كلميم-واد نون على 164.099 هكتارًا من المساحة الزراعية المفيدة، منها 36.602 هكتارًا قابلة للري، و3.000 هكتار مجهزة بنظام السقي بالتنقيط، مما يعكس جهودًا واضحة في مجال تثمين الموارد المائية وتحسين الإنتاجية.
كما تشتهر الجهة بنشاطها الرعوي المتنوع، إذ يضم القطيع المحلي:
-
214.833 رأس من الأغنام
-
242.784 رأس من الماعز
-
33.080 رأس من الإبل
وهو ما يجعلها جهة ذات مؤهلات فلاحية ورعوية يمكن أن تشكل قاعدة صلبة لتطوير سلاسل إنتاج ذات قيمة مضافة عالية (اللحوم الحمراء، الحليب، الأعلاف، الصناعات الغذائية…).
أداة تخطيط اقتصادي لمواجهة التوسع العمراني
سيسمح المشروع بتصنيف الأراضي إلى ثلاث فئات وفقًا لإمكاناتها الإنتاجية:
-
أراضٍ عالية الإمكانات الفلاحية يجب حمايتها من أي تحويل عمراني.
-
أراضٍ متوسطة الإمكانات يتطلب الحفاظ عليها تدبيرًا عقلانيًا.
-
أراضٍ ضعيفة الإمكانات يمكن تخصيصها للتوسع العمراني المراقب.
هذه المقاربة ستتيح توجيه السياسات العمومية نحو تعزيز الاستثمارات في المناطق الفلاحية ذات المردودية العالية، والحد من الهدر الترابي الناتج عن التوسع الحضري غير المنظم.
حوكمة ترابية قائمة على المعطيات الاقتصادية
أكدت المصالح المركزية أن الوزارة تسعى من خلال هذه البطاقة إلى تعزيز دورها في اللجان التقنية المحلية، خاصة أثناء إعداد وثائق التعمير (مخطط التهيئة الحضرية، برامج التنمية الفلاحية والقروية…)، بما يضمن إدماج البعد الفلاحي والاقتصادي في التخطيط العمراني.
ويُنتظر أن تسهم هذه الآلية في تقليص الخسائر الناتجة عن تحويل الأراضي الفلاحية إلى سكنية أو صناعية دون دراسة أثر اقتصادي طويل المدى.
آفاق اقتصادية وتنموية
على المدى المتوسط، يُتوقع أن يؤدي هذا المشروع إلى:
-
رفع القيمة المضافة الزراعية عبر تركيز الاستثمار في الأراضي ذات الإنتاجية العالية.
-
تقوية الأمن الغذائي الجهوي والوطني.
-
تشجيع الاستثمارات الخاصة في قطاعات الإنتاج الفلاحي والتثمين الزراعي.
-
تحسين التنسيق بين السياسات القطاعية (الفلاحة، التعمير، المياه، البيئة…).
إن إعداد البطاقة الفلاحية الجهوية لجهة كلميم-واد نون لا يمثل فقط خطوة تقنية، بل يشكل تحولًا في طريقة تدبير الأراضي من منطق إداري إلى منطق اقتصادي مبني على البيانات، ما يعزز مكانة الجهة ضمن الدينامية الوطنية للتنمية المستدامة.