يرتكز المشروع على رؤية شاملة لإعادة هيكلة منظومة إدارة الموارد المائية، من خلال:
-
تشخيص الوضعية الحالية للمياه على المستوى الوطني.
-
تحديث الترسانة القانونية والتنظيمية الخاصة بالهيدرولوجيا وتدبير الموارد.
-
اعتماد مقاربة متعددة التخصصات تجمع بين الخبرة التقنية والعلمية والاقتصادية.
-
تطوير أدوات حديثة للتخطيط المائي باستخدام البيانات والمراقبة الرقمية.
ويُنتظر أن يساهم هذا المشروع في تحسين الحوكمة المائية عبر إشراك مختلف الفاعلين العموميين والخواص، وتعزيز التنسيق بين المستويات المركزية والجهوية.
الاستثمار في الماء: ركيزة للنمو الاقتصادي
تُدرك الحكومة المغربية أن الأمن المائي أصبح شرطًا أساسيًا للاستقرار الاقتصادي.
فمن دون موارد مائية كافية، لا يمكن ضمان استمرارية النشاط الفلاحي، أو الصناعي، أو السياحي، وهي قطاعات تشكل مجتمعة أكثر من 40٪ من الناتج الداخلي الخام.
لذلك، يهدف المشروع إلى:
-
تحسين كفاءة استعمال المياه في الزراعة عبر التوسع في السقي الموضعي (goutte-à-goutte).
-
تقليص الفاقد في شبكات التوزيع وتحسين مردوديتها.
-
تحفيز الاستثمار في تحلية مياه البحر وإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة.
-
تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP) في تمويل وتسيير المشاريع المائية الكبرى.
البرنامج الوطني للماء (PNE): رؤية استراتيجية حتى 2050
يُعتبر البرنامج الوطني للماء الإطار الاستراتيجي الطويل الأمد الذي يحدد ملامح السياسة المائية للمغرب إلى غاية سنة 2050، ويهدف إلى:
-
ضمان تعبئة الموارد المائية التقليدية من خلال السدود الكبرى والتحويلات بين الأحواض.
-
تنويع مصادر الماء عبر تحلية مياه البحر وإعادة استخدام المياه المستعملة.
-
حماية الفرشات المائية من الاستنزاف والتلوث.
-
تحسين الحكامة الترابية والاقتصادية في تدبير الماء.
ويُشكل هذا البرنامج أحد الركائز الأساسية لتقوية السيادة المائية والغذائية للمملكة في مواجهة آثار التغير المناخي.
البرنامج الوطني للتزويد بالماء والري (PNAEPI): ذراع التنفيذ الميداني
أما البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب والري 2020-2027، فهو يمثل الجانب العملي من رؤية الـPNE، ويركز على:
-
توسيع وتحديث شبكات التوزيع والتخزين لضمان الأمن المائي الحضري والريفي.
-
رفع كفاءة استعمال المياه في الفلاحة التي تستهلك أكثر من 70٪ من الموارد.
-
تحسين جودة المياه الموجهة للشرب والري والصناعة.
-
تطوير القدرات التقنية والإدارية للمؤسسات المشرفة على القطاع.
الاقتصاد المائي: رافعة للتنمية المستدامة
إن الانتقال من منطق الاستهلاك إلى منطق النجاعة يمثل التحول الجوهري الذي يسعى إليه المغرب اليوم. فكل درهم يُستثمر في الماء ينعكس على استقرار الأسعار، وتنافسية الصادرات، وتحسين الأمن الغذائي، وجذب الاستثمارات الصناعية والسياحية.
ووفق تقديرات رسمية، من المنتظر أن تتجاوز الاستثمارات المائية المبرمجة في أفق 2027 ما يعادل 140 مليار درهم، مما يجعل قطاع الماء أحد أكبر محركات الاستثمار العمومي والخاص في المرحلة المقبلة.
المغرب، من خلال هذه المبادرة، لا يعالج فقط أزمة ندرة المياه، بل يؤسس لـ اقتصاد مائي جديد يوازن بين التنمية والإيكولوجيا، وبين النمو والإنصاف المجالي. إنها إصلاحات هيكلية تضع الماء في قلب السياسات الاقتصادية والاجتماعية للمملكة، لضمان مستقبل آمن ومستدام حتى 2050.