الجهة بوست
الرباط – 17 أبريل 2025
أفاد المندوبية السامية للتخطيط، في أحدث مذكرة للظرفية الاقتصادية، بأن الاقتصاد الوطني المغربي عرف تحسناً لافتاً خلال الربع الأول من سنة 2025، حيث سجل الناتج الداخلي الخام نمواً بنسبة 4,2% على أساس سنوي، مدفوعاً بانتعاش في معظم القطاعات، لا سيما قطاعي الخدمات والصناعات الاستخراجية.
وأوضح التقرير أن هذا الأداء الإيجابي يأتي عقب نمو بلغ 3,6% في الربع الأخير من عام 2024، ويعكس دينامية اقتصادية مدعومة بزيادة ملحوظة في الطلب الداخلي، إضافة إلى تراجع نسبي في الأثر السلبي للتجارة الخارجية، حيث انخفضت مساهمتها السلبية إلى -1,1 نقطة.
ويُنتظر أن يواصل الاقتصاد الوطني تحسنه خلال الربع الثاني من سنة 2025، حيث يُتوقع أن يسجل نموًا بنسبة 3,8%، مدعومًا باستمرار انتعاش القطاع الفلاحي وصلابة أداء قطاع الخدمات، بالإضافة إلى دينامية مستمرة في قطاعات البناء والصناعات الغذائية.
القطاعات المحركة للنمو
أظهرت بيانات المندوبية أن النمو في الربع الأول كان مدفوعًا أساسًا بارتفاع القيمة المضافة لقطاعات الخدمات التجارية بنسبة 13,2%، والصناعات الاستخراجية بنسبة 6,7%، وقطاع البناء بنسبة 6,4%، في حين سجل قطاع الصناعات التحويلية تباطؤًا طفيفًا نتيجة تبعية أكبر للطلب الخارجي.
كما سجل القطاع الفلاحي تحسنًا بنسبة 3,1%، مما ساهم في تعزيز الناتج المحلي الإجمالي. وتعتبر الطلب الداخلي المحرك الأساسي لهذا النمو، مدعومًا بتحسن القدرة الشرائية نتيجة السياسات الاجتماعية والضريبية، بما في ذلك زيادة الأجور في القطاعين العام والخاص، وتقليص الضريبة على الدخل.
التضخم والسياسة النقدية
رغم الأداء الإيجابي، سجلت معدلات التضخم ارتفاعًا خلال الربع الأول من السنة، حيث بلغت 2,2% مقارنة بـ 0,7% في الربع السابق. ويُعزى هذا الارتفاع أساسًا إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، خاصة اللحوم والأسماك والخضروات الطازجة، بالإضافة إلى تأثيرات تعديلات ضريبية مثل الزيادة في رسوم التبغ.
في المقابل، واصلت بنك المغرب تنفيذ سياسة نقدية توسعية، حيث خفض سعر الفائدة الرئيسي إلى 2,25% في مارس 2025، للمرة الثالثة تواليًا منذ يونيو 2024. وساهم هذا الإجراء في خفض أسعار الفائدة على القروض وتعزيز تمويل الاقتصاد الوطني، مما انعكس إيجابًا على مؤشرات سوق المال والبورصة.
أداء قوي في سوق البورصة
شهد سوق الأسهم المغربي أداءً متميزًا خلال بداية عام 2025، حيث سجل مؤشر “مازي” (MASI) ارتفاعًا بنسبة 36,5% على أساس سنوي، مدعومًا بثقة المستثمرين وتوسع السيولة، التي ارتفعت بـ 186,5% مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية. وشملت المكاسب أبرز القطاعات كالنقل، المعادن، العقار، والصحة.
آفاق وتحديات
رغم هذه المؤشرات الإيجابية، فإن آفاق النمو خلال الربع الثاني من سنة 2025 تظل محفوفة بعدة مخاطر خارجية، أبرزها التوترات التجارية العالمية، لا سيما السياسات التعريفية الجديدة التي أعلنت عنها الولايات المتحدة الأمريكية. وعلى الرغم من قرار تأجيل تنفيذ هذه الإجراءات لمدة 90 يوماً، فإن انعكاساتها بدأت تُلاحظ في شكل تقلبات بأسعار المواد الأولية وتراجع في الأداء الصناعي العالمي، خصوصاً في أوروبا.
وفي سياق آخر، توقعت وكالة “فيتش سوليوشنز” في تقرير حديث لها، تسارعاً واضحاً في نمو الاقتصاد المغربي خلال سنتي 2025 و2026، حيث توقعت نمواً بنسبة 4,8% لسنة 2025 و5,5% لسنة 2026، مدفوعًا بتعافي القطاع الفلاحي، تحسن الصادرات، والآثار المنتظرة للمشاريع المتعلقة بتنظيم كأس العالم 2030.