شرعت الحكومة المغربية في مراجعة شاملة للقانون الزراعي، في خطوة تعكس إدراكاً متزايداً لحجم التحديات التي يواجهها القطاع الفلاحي، وعلى رأسها الضغط الحاد على الموارد المائية، وتعقيدات الوعاء العقاري، وضعف جاذبية التحفيزات الحالية للاستثمار. ويأتي هذا القرار في سياق اقتصادي يتسم بارتفاع كلفة الإنتاج وتزايد آثار التغير المناخي، ما يجعل تحديث الإطار القانوني ضرورة استراتيجية لضمان الأمن الغذائي وتعزيز تنافسية الفلاحة الوطنية.
ويعتبر الضغط المائي أبرز المحفزات لهذا الإصلاح، حيث تراجعت الموارد السطحية والجوفية بشكل مقلق، الأمر الذي يفرض إدماج قواعد جديدة لترشيد استعمال الماء وتشجيع التقنيات المقتصدة للموارد، مع توجيه الإنتاج نحو زراعات ملائمة للظروف المناخية. وفي موازاة ذلك، يظل العقار الفلاحي أحد أكبر العوائق أمام الاستثمار، بسبب تعدد أنظمته وتعقيد مساطره، ما يدفع نحو إعادة تنظيمه وتسهيل الولوج إلى الأراضي المهيأة للاستغلال عبر آليات واضحة وفعالة.
كما تعمل السلطات على مراجعة منظومة التحفيزات المالية والضريبية لجعلها أكثر جاذبية وتنافسية. وتشمل هذه التحفيزات دعم المشاريع المرتبطة بالاقتصاد في الماء، وتشجيع الرقمنة والابتكار داخل الضيعات، وتحسين تمويل المقاولات الفلاحية الصغيرة والمتوسطة. وتتم عملية الإصلاح عبر ثلاث مراحل: تشخيص الوضع الحالي، واقتراح أدوات قانونية جديدة، ثم إعداد سيناريو إصلاح متكامل يعرض على الحكومة لاعتماده.
وبشكل عام، تهدف مراجعة القانون الزراعي إلى إرساء فلاحة أكثر استدامة ونجاعة، وتعزيز جاذبية المجال أمام المستثمرين، وتمكين المملكة من بناء نموذج فلاحي قادر على الصمود في وجه التقلبات المناخية والاقتصادية، ومندمج في سلاسل القيمة الإقليمية والدولية.



