تواجه مسارات النمو الاقتصادي في المغرب تحديات متزايدة بفعل التغيرات المناخية، وهو ما أكدت عليه البرمجة الميزانياتية الثلاثية (2025-2027) التي نشرتها وزارة الاقتصاد والمالية. تسلط الوثيقة الضوء على المخاطر المرتبطة بالاحتباس الحراري وتأثيرها على استدامة المالية العامة والنمو الاقتصادي على المدى الطويل.
التحكم في العجز والمديونية
تسعى الحكومة المغربية إلى تقليص عجز الميزانية إلى 3% من الناتج الداخلي الخام بحلول عام 2027، مع خفض نسبة الدين العام إلى أقل من 67%. يهدف هذا التوجه إلى الحفاظ على الاستقرار المالي في ظل تقلبات اقتصادية دولية وظروف مناخية معقدة قد تؤثر على الأداء الاقتصادي.
التخطيط المالي المتوسط المدى
تم تحديد نفقات الميزانية العامة بـ482.4 مليار درهم لعام 2025، مع زيادة سنوية متوسطة بنسبة 1.2% حتى 2027. تتضمن هذه البرمجة تقليص نفقات الاستثمار بمعدل سنوي قدره -3.2%، مقابل زيادة نفقات التسيير بمعدل 3.1%.
الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية
يشمل البرنامج إصلاحات رئيسية مثل:
- توسيع الحماية الاجتماعية، بما في ذلك تعميم أنظمة التقاعد والتعويض عن البطالة.
- دعم القدرة الشرائية للمواطنين عبر زيادة الأجور ومواصلة دعم المواد الأساسية.
- تعزيز الاستثمار في قطاعات استراتيجية، مثل مشاريع تأهيل المناطق المتضررة من زلزال الحوز، وتحسين شبكات المياه والبنية التحتية.
التغير المناخي كمخاطر طويلة الأمد
أبرز التقرير أثر التغيرات المناخية على الاقتصاد المغربي، مشيرًا إلى التحديات التالية:
- تراجع الإنتاجية بسبب الجفاف وتغير أنماط التساقطات المطرية.
- انخفاض الموارد المائية وزيادة حدة الكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات وحرائق الغابات.
- تأثيرات مباشرة على البنية التحتية، ما يتطلب تخصيص موارد إضافية للتأهيل والتكيف مع التغيرات.
التأثيرات على المداخيل والنفقات
يمكن للتغير المناخي أن يؤدي إلى انخفاض المداخيل الضريبية نتيجة تباطؤ النمو الاقتصادي، إلى جانب ارتفاع النفقات المرتبطة بمعالجة آثاره. يشمل ذلك تمويل مشاريع للحد من التأثيرات المناخية، بالإضافة إلى تغطية تكاليف الأضرار وإعادة تأهيل البنيات التحتية.
رؤية مستقبلية للتنمية المستدامة
رغم التحديات، يظهر التقرير قدرة المغرب على الحفاظ على استدامة الدين العام مع الاستمرار في تعزيز الإصلاحات الهيكلية. كما يشير إلى أهمية اتخاذ تدابير مبتكرة لتحسين كفاءة الإنفاق وضمان تحقيق النمو الاقتصادي المستدام، مع التركيز على الاستثمارات ذات الأولوية.
في الختام، تعكس البرمجة الميزانياتية الجديدة التزام المغرب بتحقيق التوازن بين مواجهة التحديات المناخية والاقتصادية وتعزيز مسار التنمية المستدامة